2011/05/22

البروليتاريا والشيوعية



طريقة سرد هذا الموضوع هي بـ سؤال و جواب :

 ما هي الشيوعية؟



جواب: الشيوعية هي علم شروط تحرر البروليتاريا.


2- س: ما هي البروليتاريا ؟


ج: البروليتاريا هي تلك الطبقة من طبقات المجتمع التي تكسب قوتها من بيع عملها حصرا, وليس من الربح الناجم عن رأسمال ما. فسعادتها وشقاؤها, وحياتها وموتها, ووجودها كله, أمور مرهونة بطلب العمل, وبالتالي بتتابع أزمات السوق وانتعاشها, وتأرجحات مزاحمة لا يردعها رادع. فالبروليتاريا, أو طبقة البروليتاريين هي, بكلمة واحدة, الطبقة الكادحة في القرن التاسع عشر.


3- س: ألـــم يكن هناك اذن بروليتاريون بصورة دائمة؟


ج: كلا. لقد وجد دائما فقراء وطبقات كادحة وكانت الطبقات الكادحة فقيرة غالبا, لكن لم يكن يوجد دائما فقراء وشغيلة كالذين بيَّنا ظروف معيشتهم أعلاه, اذن لم يكن يوجد دائما بروليتاريون, كما لم تكن توجد دائما تلك المزاحمة الحرة التي لا يردعها رادع.


4- س: كيف ظهرت البروليتاريا؟


ج: ظهر البروليتاريا على أثر الثورة الصناعية التي حدثت في انكلترة في النصف الاخر من القرن الماضي والتي أخذت تتكرر منذ ذلك الحين في جميع البلدان المتمدنة في العالم. وكان في أساس الثورة الصناعية, اختراع الآلة البخارية, ومختلف آلات الغزل والنسيج الميكانيكية, وادخال سلسلة كاملة من تجهيزات الممكنة, والآلات هذه,التي كانت باهظة الثمن والتي, بالتالي, لم يكن بقادر على حيازتها سوى كبار الرأسماليين, حولت نمط الانتاج السابق برمته. وقضت على الحرفيين السابقين بتقديمها بضاعة اكثر جودة وأرخص سعرا من تلك التي كان ينتجها هؤلاء بأنوالهم وادواتهم الفظة.


وهكذا ألقت الآلات هذه بالصناعة كليا في أيدي كبار الرأسماليين وجعلت الملكية الحرفية الصغيرة (أدوات عمل وأنوال...الخ.) عديمة القيمة تماما, بحيث غدا الرأسماليون يستأثرون بكل شيء ولم يعد العمال يملكون شيئا. وقد ادخل نظام الفبركة في صناعة الملابس أولا ثم لم يلبث ان امتد, مع دخول الآلة, ليشمل فروع الصناعة الأخرى جميعا, وخاصة الطباعة والفخار والعدانة, وأخذ العمل ينقسم اكثر بأكثر على العمال المنفردين بحيث أن العامل الذي كان يقوم سابقا بصنع قطعة كاملة, أصبح ينجز الآن جزءا فقط من هذا القطعة.


وقد مكَّن تقسيم العمل هذا من إنجاز المنتجات بسرعة أكبر وبسعر أرخص بالتالي. وهكذا تقلص نشاط العامل الى حركة ميكانيكية جدا بسيطة ومتكررة بأستمرار, حركة تستطيع الآلة ليس فقط القيام بمثلها بل لأدائه بصورة افضل, مما أوقع فروع الصناعة الواحد تلو الآخر تحت سيطرة الطاقة البخارية والآلية والصناعة الكبرى (الفبركة) كما حصل بالنسبة للغزل والنسيج.


لكن ذلك اوقعها في الوقت النفسه كليا في أيدي كبار الرأسماليين وتم بذلك انتزاع ماتبقى من استقلالية العاملين. وبدأت الصناعة الحرفية وبالإضافة الى المانيفاتورة, تقع أكثر فأكثر تحت سيطرة الصناعة الكبرى بفعل أن كبار الرأسماليين قد أزاحوا هنا أيضا وشيئاً فشيئا المعلمين الصغار, بإنشائهم المشاغل الكبيرة التي توفر كثيرا من النفقات وتؤمن ايضا تقسيم العمل, وهذا مايفسر لنا لماذا انخرطت جميع فروع العمل تقريبا وفي البلدان المتمدنة, في نظام الصناعة الكبرى, ولماذا أزاحت الصناعة الكبرى الانتاج الحرفي, الانتاج المانيفاتوري من جميع فروع العمل, كما يفسر أيضا أصحاب الفئة الوسطى السابقة, بصورة خاصة أصحاب الورش الصغرى, والتحول التام لأوضاع العمال وتكون طبقتين جديدتين ضمتا بالتدريج جميع الطبقات الاخرى, وهما:


1- طبقة كبار الرأسماليين التي تحتكر, في البلدان المتمدنة جميعا, ملكية وسائل العيش وجميع المواد الأولية والأدوات (الآلات والمصانع) الضرورية لانتاج وسائل العيش, تلك هي طبقة البرجوازيين أو البرجوازية.


2- طبقة المعدمين الذين لايملكون شيئا الذين ليس امامهم سوى بيع عملهم للبرجوازيين لقاء الحصول على وسائل العيش الضرورية لبقائهم. وتلك هي طبقة البروليتاريين أو البروليتاريا.


5- س: في أية ظروف يتم بيع عمل البروليتاريين هذا للبرجوازيين؟


ج: لإن العمل هو وسيلة كأية سلعة أخرى فسعرها يتحدد إذن بموجب القوانين نفسها التي تحدد سعر أية سلعة أخرى, وفي ظل هيمنة الصناعة الكبرى أو المزاحمة الكبرى (مما يعني الشيء نفسه في النهاية كما سنرى) يساوي سعر السلعة دائما متوسط كلفة انتاجها. فسعر العمل إذن يساوي هو أيضا متوسط كلفة انتاج العمل. لكن كلفة انتاج العمل تتقوم بالضبط في كمية الوسائل المعيشية الضرورية لتمكين العمال من الاستمرار في العمل وللحيلولة دون انقراض الطبقة العاملة.


فلا يتقاضى العامل إذن لقاء عمله سوى الحد الأدنى الضروري لإنجاز هذا العمل وسعر العمل, أو الأجر, سيشكل إذن الحد الأدنى الضروري للبقاء, وحيث أن ظروف السوق تتحسن تارة وتسوء أخرى فإن أجر العامل يزيد أو ينقص تماماً كما يزيد أو ينقص ما يحصل عليه الصناعي لقاء سلعة وكما أن الصناعي لايحصل, في الاحوال الحسنة والاحوال سيئة, لقاء سلعة لا أكثر ولاأقل من متوسط كلفة انتاجها, كذلك العامل فلإنه لا يستطيع أن يتقاضى, وكمعدل وسطي, لا أكثر ولاأقل من الحد الادنى, وبقدر ما تتحكم الصناعة الكبرى بجميع فروع العمل بقوة أكبر بقدر ما يطبق قانون الأجور الاقتصادي هذا بصرامة أشد.


6 - س: أية طبقات كادحة وجدت قبل الثورة الصناعية؟


ج: عاشت الطبقات الكادحة, تبعا لاختلاف مراحل تطور المجتمع, في ظروف مختلفة, واحتلت مواقع مختلفة في مواجهة الطبقات المالكة, والمسيطرة, ففي العصور القديمة كان الكادحون أرقاء للمالكين, كما لا تزال الحال حتى الآن في عدد كبير من البلدان المتأخرة, وحتى في القسم الجنوبي من الولايات المتحدة الامريكية, وفي العصور الوسطى كانوا أقنانا لمالكي الارض النبلاء كما لا تزال الحال حتى الآن في هنغاريا وبولونيا وروسيا. وفي العصور الوسطى وحتى الثورة الصناعية كان, بالإضافة الى ذلك, يوجد في المدن صنَاع يعملون في خدمة معلمين حرفيين برجوازيين صغار, وظهر رويدا رويدا ومع تطور المانيفاتورة عمال المانيفاتورة الذين كان قد استخدمهم كبار الرأسماليين.


7- س: بم يتميز البروليتاري عن الرقيق؟


ج- يباع الرقيق مرة واحدة والى الابد, بينما يجب على البروليتاريا أن يبيع نفسه كل يوم, بل وكل ساعة, والرقيق المنفرد هو ملك سيد واحد, وتضمن له مصلحة سيده ذاتها عيشه, أياً كان مبلغ بؤس هذا العيش. أما البروليتاري المنفرد فهو كناية عن ملك للطبقة البرجوازية بأسرها, فلا يشترى منه عمله الا حين الحاجة اليه: عيشه إذن غير مضمون لايضمن هذا العيش الا لطبقة البروليتاريين برمتها, والرقيق يوجد خارج المزاحمة بينما يغوص البروليتاري فيها كليا ويعاني جيمع تأرجحاتها. ولا يعتبر الرقيق عضو في المجتمع المدني بل شيئا.


أما البروليتاري فيعترف به كشخص, كعضو في المجتمع المدني, يمكن للرقيق إذن أن يتمتع بعيش أفضل من البروليتاري, لكن هذ الأخير ينتسب الى مرحلة أعلى في تطور المجتمع ويجد هو نفسه في مستوى أرقى من مستوى الرقيق.


ويتحرر هذا الأخير بالقضاء على علاقة الرق فقط من بين مجمل علاقات الملكية الخاصة, لكنه بفضل ذالك يصبح بروليتاريا فقط. أما البروليتاري فلا يمكنه أن يتحرر هو الآخر الا بالقضاء على المكلية الخاصة ذاتها.


8- س: بم يتميز البروليتاري عن القن؟


ج: في حوزة القن أداة انتاج, قطعة أرض, يتمتع بحق استخدامها لقاء تقديم حصة من المحصول أو بدل تأدية أعمال معينة. أما البروليتاري فيعمل بأدوات إنتاج يملكها شخص آخر ولحساب هذا الآخر لقاء حصوله على جزء من الايراد. القن يعطي والبروليتاري يأخذ. القن عيشه مضمون أما البروليتاري فلا. القن يوجد خارج المزاحمة والبروليتاري قائم فيها. القن يحرر إما بهربه الى المدينة حيث يصبح حرفيا وإما باعطائه المال لسيده بدل العمل والمحصول وبصيرورته مستأجرا حرا, وإما بطرد سيده الاقطاعي وصيروته مالكا, وباختصار يحرر القن بانخراطه, بشكل ما, في الطبقة المالكة وفي المزاحمة, أما البروليتاري فيتحرر بالقضاء على المزاحمة والملكية الخاصة والفوارق الطبقية جميعا.


9- س: بِمَ يتميز البروليتاري عن الحرفي(1)؟


10- س: بم يتميز البروليتاري عن عامل المانيفاتورة؟


ج: من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر, كان عامل المانيفاتورة لايزال يملك, في كل مطرح تقريبا, أدارة انتاج: نول الحياكة, أو مغزل العائلة, أو حقلا صغيرا كان يزرعه في أوقات إضافية. بينما لا يملك البروليتاري شيئا من هذا, ويعيش عامل المانيفاتورة بصورة دائمة تقريبا في الريف, ويقيم مع سيده أو رب عمله علاقات بطريركية الى هذا الحد أو ذاك. بينما يعيش البروليتاري في المدن االكبرى, غالبا, ولايقيم مع رب عمله سوى علاقة مالية بحتة. وتنتزع الصناعة الكبرى عامل المانيفاكتورة من علاقاته البطريركية و يفقد ملكيته الصغيرة التي كان لايزال يحتفظ بها, ويصير عندئذ بروليتارياً.

11- س: ما هي النتائج المباشرة للثورة الصناعية ولانقسام المجمتع الى برجوازيين وبروليتاريين؟


الجواب:


أولا: لقد حطم نظام المانيفاتورة العتيق, او الصناعة القائمة على العمل اليدوي تحطيما تاما بفعل انخفاض اسعار المنتجات الصناعية انخفاضا مستمرا, حاصلا في جميع البلدان عن ادخال الآلتية. وانتزعت من عزلتها, جميع البلدان نصف الهمجية التي كانت لاتزال, بشكل متفاوت, خارج التطور التأريخي والتي كانت صناعتها تقوم على نظم المانيفاتورة. فاقبلت على شراء البضائع الانكليزية الرخيصة السعر وتركت عمالها المانيفاكتوريين يواجهون الهلاك. وهكذا ثورت بلدان لم تعرف التقدم منذ آلاف السنين كالهند مثلا, تثويرا تاما, وحتى الصين نفسها فإنها تسير الآن باتجاه ثورة, فاختراع آلة جديدة في انكلترة قد يحكم بالمجاعة في فترة بضع سنوات على ملايين العمال الصينيين, وهكذا ربطت الصناعة الكبرى شعوب الارض جميعا ببعضها, وحولت كل الاسواق المحلية الصغيرة الى سوق عالمي, ومهدت في كل بقاع الارض للتقدم والمدنية, وأدت الى جعل كل يحدث في البلدان المتمدنة يترك بالضرورة انعكاسات على جميع البدان الاخرى, بحيث انه اذا ماتحرر العمال الآن في انكلترة أو في فرنسا فسينتج عن ذلك, عاجلا أم آجلا, ثورات تؤدي هى الاخرى الى تحرير العمال.


ثانيا: أدت الثورة الصناعية, حيثما حلت الصناعة الكبرى محل الانتاج المانيفاتوري الى نمو البرجوازية وثرواتها وسلطانها نموا منقطع النظير, والى جعله الطبقة الاولى في المجتمع, فاستولت البرجوازية بالتالي, حيثما حصل ذلك, على السلطة السياسية وأزاحت الطبقات التي كانت مسيطرة حتى ذلك الحين أي: الارستقراطية وأسياد الجمعيات الحرفية وممثلهما الملكية المطلقة. ومسحت البرجوازية قدرة الارستقراطية والنبلاء بإلغائها لاقطاعية البكر, أي لقدسية الملكية العقارية, كذلك لجميع الامتيازات الاقطاعية ودمرت جبروت أسياد الجمعيات الحرفية بإلغائها الجمعيات الحرفية والامتيازات الجمعية بأسرها. وأحلت محلها المزاحمة الحرة, أي وضعا اجتماعيا يتيح لكل واحد أن يمارس النشاط الاقتصادي الذي يحلو له, ولا يحول أي شيء بينه وبين ممارسة نشاطه هذا سوى افتقاره للرأسمال الضروري لذلك. فأدخال المزاحمة الحرة هو إذن أعلان صريح لمقاييس جديدة في المساواة بين أعضاء المجتمع, انهم من الآن فصاعدا لن يكونوا غير متساوين الا بمقدار ما تكون رساميلهم غير متساوية, وان رأس المال سيكون القوة الحاسمة, و إن الراسماليين والبرجوازيين قد غدوا الطبقة الاولى في المجتمع, إلا أن المزاحمة الحرة لاغنى عنها لانطلاق الصناعة الكبرى لانها الوضع الاجتماعي الوحيد الذي يسمح للصناعة الكبرى ان تنمو. وإذ تمسح البرجوازية القدرة الاجتماعية للنبلاء وتجمعات الحرف, تقضي ايضا على سلطتها السياسية. وإذ تصبح الطبقة الاولى في المجتمع اقتصاديا, تعلن نفسها الطبقة الاولى سياسيا ايضا. وتصل الى ذلك بإدخل النظام التمثيلي الذي يقوم على المساواة البرجوازية امام القانون والاعتراف الشرعي بالمزاحمة الحرة, النظام الذي انشيء في بلدان أوروبا لشكل الملكية الدستورية. وفي هذه الملكيات الدستورية لا يتمتع بحق الاقتراع الا اولئك الذين يملكون رأسمالا ما, أي البرجوازيون فقط. وينتخب الناخبون البرجوازيون نوابا برجوازيين, وينتخب هؤلاء بدورهم, استنادا الى حقهم في رفض الضرائب, حكومة برجوازية.


ثالثا: أدت الثورة الصناعية في كل مكان الى نمو البروليتاريا بقدر ما كانت تسمح بنمو البرجوازية ذاتها. وكلما كانت ثروة البرجوازيين تزداد كلما كان عدد االبروليتاريا يتعاظم, اذ, بما انه لا يمكن للبروليتاريين أن يستخدموا الا من قبل رأس المال وان راس المال لا يمكنه ان يتنامى الا باستخدامه للعمال, فينتج عن ذلك إن تعاظم البروليتاري يسير بالضبط على الوتيرة نفسها لتعاظم رأس المال, وينتج عن الثورة الصناعية ايضا تجمَع البرجوازيين, وكذلك البروليتاريين, في مدن كبرى يوفر للصناعة فيها أفضل الشروط, وينتج أيضا, وبفعل تمركز جماهير غفيرة في بقعة واحدة عي البروليتاريا بقوتها. ثم انه كلما تعاظم نمو الثورة الصناعية, وكلما ازداد اختراع الآلات الجديدة التي تزيح الشغل اليدوي, كلما ازداد ميل الصناعة الكبرى – كما قلنا سابقا - الى تخفيض الاجر الى حده الادنى, جاعلا بذلك وضع البروليتاريا متزايدا في التردي. وهكذا تهيء الثورة الصناعية, بفعل تزايد التذمر لدى البروليتاريا من جهة, وبفعل تعاظم قوتها من جهة آخرى, لثورة اجتماعية تقودها البروليتاريا.


12-س: ماهي النتائج الاخرى للثورة الصناعية؟


ج: عن طريق ادخال الآلة البخارية وغيرها من الآلات اوجدت الصناعة الكبرى الوسائل الكفيلة بزيادة الانتاج الصناعي الى مالانهاية بوقت أقصر و كلفة أقل. وسرعان ما اتخذت المزاحمة الحرة التي فرضتها هذه الصناعة الكبرى طابعا في غاية الحدة بسبب من سهولة الانتاج هذه. واندفع عدد ضخم من الرأسماليين نحو الصناعة, وسرعان ما أنتج أكثر من الحاجة. فكانت النتيجة أن البضائع المصنعة لم تجد من يشتريها وحل ما يسمى بالأزمة التجارية, فاضطرت المصانع للتوقف عن العمل, وأعلن الصناعيون إفلاسهم, وحكم على العمال بالمجاعة, وحل في كل مكان بؤس شديد. وبعد فترة من الزمن اذ بيع فائض الانتاج, عادت المصانع تعمل من جديد, ارتفعت الاجور وشيئا فشيئا سارت الاعمال التجارية بشكل لم يسبق له مثيل, لكن ذلك لم يدم طويلا, اذ ما لبث الانتاج ان فاض عن الحاجة, فحصلت ازمة جديدة اتبعت مجرى سابقتها بالضبط, وهكذا تأرجحت الصناعة ومنذ بداية هذا القرن, بين عهود من الازدهار وعهود من الازمات, وبشكل منتظم تقريبا كانت تحدث مثل هذه الازمة كل خمس أو سبع سنوات حاملة معها في كل مرة بؤسا عماليا شديدا, واضطرابا ثوريا عاما, وخطرا بالغا على الوضع القائم برمته.


13- ماهي نتائج هذه الازمات التجارية المتجددة بانتظام؟


الجواب: أولا إن الصناعة الكبرى, وعلى الرغم من آنها هي التي أوجدت المزاحمة الحرة في العهد الاول من تطورها, لم تعد تتوافق الان مع المزاحمة الحرة, وإن المزاحمة , بشكل عام, وإن ممارسة الانتاج الصناعي من قبل أفراد منعزلين, قد اصبحتا عائقا اما الصناعة الكبرى لابد لها من تحطيمه وستحطمه هي.


وإن الصناعة الكبرى, طالما ظلت تمارس على الاساس الراهن, لن تستطيع الاستمرار دون أن تؤدي, كل خمس أو سبع سنوات, الى الفوضى العامة, فوضى تهدد في كل مرة وجود المدنية بكاملها, ولاتكتفي بإلقاء العمال في البؤس بل وتدمر ايضا عددا كبيرا من البرجوازيين, عليه, فالصناعة الكبرى إما أن تندثر تماما, وهذا مستحيل, وإما أن تطرح بشكل لا مناص منه مسألة تنظيم المجتمع تنظيما جديدا تمام الجدة بحيث لاتعود ادارة الانتاج الصناعي الى بضعة صناعيين يتزاحمون فيما بينهم, بل الى المجتمع بأسره وفق خطة مقررة وحسب حاجات الجميع.


ثانيا: ان الصناعة الكبرى, وما تتيحه من توسيع لا متناه للانتاج, قد مكن من بلوغ وضع في المجتمع ينتج فيه من وسائل العيش ما يسمح لكل عضو فيه بتطوير قواه وملكاته الخاصة وتوظيفها بحرية تامة, يحيث أن خاصية الصناعة الكبرى تلك التي تولد في مجتمع اليوم البؤس والازمات التجارية, هي ذاتها التي ستقضي في ظل تنظيم اجتماعي آخر, على هذا البؤس وتلك التأرجحات المسببة للشقاء.


ويبرهن كل هذا بوضوح على التالي: إذن ثبت بوضوح:


1- أن النظام الاجتماعي الذي لم يعد يلائم الاوضاع, هو وحده المسؤول من الآن فصاعدا, عن كل هذه الشرور.

2-أن الوسائل متوفرة, للقضاء على هذا الشرور نهائيا بإقامة نظام اجتماعي جديد.

14- س: كيف ينبغي أن تكون طبيعة النظام الاجتماعي الجديد هذا؟


ج: سيكون عليه قبل أي شيء أن ينتزع مسؤولية إدارة الصناعة وجميع فروع الانتاج من أيدي الافراد المتزاحمين ويضعها في إدارة المجتمع بموجب خطة جماعية, أي في مصلحة جميع أعضائه وبمشاركتهم, وسيلغي, بالتالي, المزاحمة ويحل التعاون محلها. ولكن بما أن ادارة الصناعة من قبل أفراد يفترض بالضروة وجود الملكية الخاصة, وبما ان المزاحمة ليست سوى اسلوب مالكين أفراد ونهجهم في ادارة الصنّاع, فإن الملكية الخاصة لايمكن فصلها عن الادارة الفردية للصناعة ولاعن المزاحمة. وسيكون بالتالي من الضروري ايضا القضاء على الملكية الخاصة واحلال الاستخدام الجماعي لجميع وسائل الانتاج محلها, وتوزيع كافة النمتجات, بالاتفاق العام, وهذا ما يسمى جماعية الخيرات. إن إلغاء الملكية الخاصة هو الخلاصة الاكثر ايجازا, والابلغ دلالة على عملية تحويل مجمل النظام الاجتماعي التي يوجبها تطور الصناعة, لذا يشكل بحق مطلب الشيوعيين الرئيسي.

---------------


الهوامش :


** كتب انجلس وثيقة "مبادىء الشيوعية" ما بين 22 تشرين اول وتشرين الثاني سنة 1847.ماخوذة من كتاب مبادىء الشيوعية: مع ملحق من زمن ظهور البيان الشيوعي" من اصدارات دار الفارابي سنة 1987.


فيما بعد, سيكتشف ماركس أن الذي يباع هو (قوة العمل) وليس (العمل) بشكل عام.


(1) في مخطوطة انجلس يوجد نصف صفحة فارغ مكان الجواب, ولكن في وثيقة ((مشروع تبني العقيدة الشيوعية)) الذي كتبه انجلس في نفس العام وأقره المؤتمر الاول لعصبة الشيوعيين في 9/حزيران/1847 يوجد جواب السؤال كالتالي:


جواب:- انما ما يسمى بالحرفي كما كان معروفا في القرن الماضي في كل ما كان ولايزال اليوم موجودا هنا وهناك انما هو, خلافا للبروليتاري, بروليتاري لفترة زمنية محددة.


وهدفهم ان يحصل لنفسه على رأسمال يستغل به عمالا آخرين. ويمكنه غالبا بلوغ هذا الهدف حين لاتزال جمعيات الرقيين قائمة أو حيث لم تؤد حرية المهنة الى تطبيق النظام الفبركة في الحرفة والى المزاحمة الحادة. ولكن حالما يدخل نظام الفبركة الى الحرفة وتزدهر المزاحمة يسقط هذا المطمح ويتحول الحرفي اكثر فأكثر الى بروليتاري. الحرفي يحرر نفسه اذن اما بأن يصبح برجوازيا أو بانتقاله اساسا الى الفئة المتوسطة وإما بتحوله تحت تأثير المزاحمة الى بروليتاري (كما يحصل الان غالبا) وانضمامه الى الحركة البروليتارية أي الى الحركة الشيوعية على اختلاف درجات وعيها.
----------------------------------
انتهى
المصدر : www.lc.rezgar.com